الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ -
قَال لَهُ: إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ (١) فَقَال أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ إِنَّ الأَْمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ. (٢)
وَلَكِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتَجَسَّسَ عَلَى رَعِيَّتِهِ إِذَا كَانَ فِي تَرْكِ التَّجَسُّسِ انْتِهَاكُ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا، مِثْل أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلاَ بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ، أَوِ امْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا، فَيَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَال أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيَقْدَمَ عَلَى الْكَشْفِ وَالْبَحْثِ حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ مَا لاَ يُسْتَدْرَكُ مِنِ انْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ وَارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ، وَهَكَذَا لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ جَازَ لَهُمُ الإِْقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالإِْنْكَارِ.
أَمَّا مَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ فِي الرِّيبَةِ فَلاَ يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلاَ كَشْفُ الأَْسْتَارِ عَنْهُ. وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ عُمَرَ دَخَل عَلَى قَوْمٍ يَتَعَاقَرُونَ عَلَى
_________
(١) حديث: " إنك إن اتبعت عورات الناس. . . " أخرجه أبو داود (٥ / ١٩٩ - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح. (عون المعبود ٤ / ٤٢٣ - نشر دار الكتاب العربي) .
(٢) حديث: " إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس. . . " أخرجه أبو داود (٥ / ٢٠٠ - ط عزت عبيد دعاس) من حديث أبي أمامة وصححه النووي كما في فيض القدير (٢ / ٣٢٣ - ط المكتبة التجارية) .