الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ -

وَقَال الإِْمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: وَإِذَا وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا - مِمَّنْ يَدَّعِي الإِْسْلاَمَ - عَيْنًا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَكْتُبُ إِلَيْهِمْ بِعَوْرَاتِهِمْ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ طَوْعًا فَإِنَّهُ لاَ يُقْتَل، وَلَكِنَّ الإِْمَامَ يُوجِعُهُ عُقُوبَةً. ثُمَّ قَال: إِنَّ مِثْلَهُ لاَ يَكُونُ مُسْلِمًا حَقِيقَةً، وَلَكِنْ لاَ يُقْتَل لأَِنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مَا بِهِ حُكِمَ بِإِسْلاَمِهِ فَلاَ يَخْرُجُ عَنِ الإِْسْلاَمِ فِي الظَّاهِرِ مَا لَمْ يَتْرُكْ مَا بِهِ دَخَل فِي الإِْسْلاَمِ، وَلأَِنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى مَا فَعَل الطَّمَعُ، لاَ خُبْثُ الاِعْتِقَادِ، وَهَذَا أَحْسَنُ الْوَجْهَيْنِ، وَبِهِ أُمِرْنَا. قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْل فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ (١) وَاسْتَدَل عَلَيْهِ بِحَدِيثِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَى قُرَيْشٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَغْزُوكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ، فَأَرَادَ عُمَرُ ﵁ قَتْلَهُ، فَقَال الرَّسُول لِعُمَرِ: مَهْلًا يَا عُمَرُ، فَلَعَل اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْل بَدْرٍ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ (٢) فَلَوْ كَانَ بِهَذَا كَافِرًا مُسْتَوْجِبًا لِلْقَتْل مَا تَرَكَهُ الرَّسُول ﷺ بَدْرِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَدْرِيٍّ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَزِمَهُ الْقَتْل بِهَذَا حَدًّا مَا تَرَكَهُ الرَّسُول ﷺ وَفِيهِ نَزَل قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ (٣) فَقَدْ سَمَّاهُ مُؤْمِنًا، وَعَلَيْهِ دَلَّتْ قِصَّةُ

_________

(١) سورة الزمر / ١٨.

(٢) حديث حاطب بن أبي بلتعة أخرجه البخاري (٦ / ١٤٣ - الفتح ط السلفية) ومسلم (٤ / ١٩٤١ - ط الحلبي) .

(٣) سورة الممتحنة / ١.