الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ -
الْقُوَى، وَيُغَيِّرُ اللَّوْنَ بِالصُّفْرَةِ، وَيَتَوَلَّدُ مِنْ تَكَاثُفِ دُخَانِهِ فِي الْجَوْفِ الأَْمْرَاضُ وَالْعِلَل، كَالسُّعَال الْمُؤَدِّي لِمَرَضِ السُّل، وَتَكْرَارُهُ يُسَوِّدُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَتَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْحَرَارَةُ، فَتَكُونُ دَاءً مُزْمِنًا مُهْلِكًا، فَيَشْمَلُهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ (١) وَهُوَ يَسُدُّ مَجَارِيَ الْعُرُوقِ، فَيَتَعَطَّل وُصُول الْغِذَاءِ مِنْهَا إِلَى أَعْمَاقِ الْبَدَنِ، فَيَمُوتُ مُسْتَعْمِلُهُ فَجْأَةً. (٢)
ثُمَّ قَالُوا: وَالأَْطِبَّاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ مُضِرٌّ، قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: أَخْبَرَ بَعْضُ مُخَالِطِي الإِْنْكِلِيزِ أَنَّهُمْ مَا جَلَبُوا الدُّخَانَ لِبِلاَدِ الإِْسْلاَمِ إِلاَّ بَعْدَ إِجْمَاعِ أَطِبَّائِهِمْ عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ مُلاَزَمَتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى الْيَسِيرِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ، لِتَشْرِيحِهِمْ رَجُلًا مَاتَ بِاحْتِرَاقِ كَبِدِهِ وَهُوَ مُلاَزِمُهُ، فَوَجَدُوهُ سَارِيًا فِي عُرُوقِهِ وَعَصَبِهِ، وَمُسَوِّدًا مُخَّ عِظَامِهِ، وَقَلْبُهُ مِثْل إِسْفَنْجَةٍ يَابِسَةٍ، فَمَنَعُوهُمْ مِنْ مُدَاوَمَتِهِ، وَأَمَرُوهُمْ بِبَيْعِهِ لِلْمُسْلِمِينَ لإِضْرَارِهِمْ. . . قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلاَّ هَذَا لَكَانَ بَاعِثًا لِلْعَقْل عَلَى اجْتِنَابِهِ، (٣) وَقَدْ قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: الْحَلاَل
_________
(١) سورة النساء / ٢٩.
(٢) فتح العلي المالك ١ / ١١٨، ١٢٣، وحاشية قليوبي ١ / ٦٩، والبجيرمي على الخطيب ٤ / ٢٧٦، والفواكه العديدة في المسائل المفيدة ٢ / ٨١.
(٣) فتح العلي المالك ١ / ١٢٢، والفواكه العديدة ٢ / ٨١.