الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ -
الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَوَّل شَيْئًا مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ قَرِيبًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ لِسَانُ الْعَرَبِ وَيَفْهَمُونَهُ فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ لَمْ نُنْكِرْ عَلَيْهِ وَلَمْ نُبَدِّعْهُ، وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ بَعِيدًا تَوَقَّفْنَا عَلَيْهِ وَاسْتَبْعَدْنَاهُ وَرَجَعْنَا إِلَى الْقَاعِدَةِ فِي الإِْيمَانِ بِمَعْنَاهُ مَعَ التَّنْزِيهِ. (١) وَفِي إِعْلاَمِ الْمُوَقِّعِينَ، قَال الْجُوَيْنِيُّ: ذَهَبَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ إِلَى الاِنْكِفَافِ عَنِ التَّأْوِيل، وَإِجْرَاءِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَوَارِدِهَا، وَتَفْوِيضِ مَعَانِيهَا إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى، وَالَّذِي نَرْتَضِيهِ رَأْيًا وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ عَقْدُ اتِّبَاعِ سَلَفِ الأُْمَّةِ، فَحُقَّ عَلَى ذِي الدِّينِ أَنْ يَعْتَقِدَ تَنْزِيهَ الْبَارِي عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثِينَ، وَلاَ يَخُوضَ فِي تَأْوِيل الْمُشْكِلاَتِ، وَيَكِل مَعْنَاهَا إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى. (٢)
٥ - ثَانِيًا: النُّصُوصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفُرُوعِ، وَهَذِهِ لاَ خِلاَفَ فِي دُخُول التَّأْوِيل فِيهَا. وَالتَّأْوِيل فِي النُّصُوصِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الاِسْتِنْبَاطِ، وَهُوَ قَدْ يَكُونُ تَأْوِيلًا صَحِيحًا، وَقَدْ يَكُونُ تَأْوِيلًا فَاسِدًا. فَيَكُونُ صَحِيحًا إِذَا كَانَ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ، مِنَ الْمُوَافَقَةِ لِوَضْعِ اللُّغَةِ، أَوْ عُرْفِ الاِسْتِعْمَال، وَمِنْ قِيَامِ الدَّلِيل عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ اللَّفْظِ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي حُمِل عَلَيْهِ، وَمِنْ كَوْنِ الْمُتَأَوِّل أَهْلًا لِذَلِكَ.
_________
(١) إرشاد الفحول / ١٧٦، ١٧٧.
(٢) أعلام الموقعين ٤ / ٢٤٦.