الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠
التصرفات من حيث التأبيد أو عدمه
تأخير طواف الإفاضة عن أيام التشريق
تأخير تسليم أحد البدلين في الربويات
تأخير النساء والصبيان في صفوف الصلاة
ما يجوز فيه التأديب لغير الحاكم
التأريخ بالسنة الشمسية، وهو التأريخ غير الهجري
حكم استعمال التأريخ غير الهجري في المعاملات
أولا التصرفات التي لا تقع إلا مؤقتة
الفرق بين النكاح المؤقت ونكاح المتعة
ثالثا التصرفات التي تكون مؤقتة وغير مؤقتة
أولا أمثلة للتأويل المتفق على فساده وما يترتب عليه
تبديل أحد العوضين بعد تعينه في العقد
(٤) التبرك ببعض الأزمنة والأماكن في النكاح
أهم القواعد التي تبنى عليها مسائل التبعيض وأحكامها
قاعدة " ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله ".
قاعدة " الميسور لا يسقط بالمعسور "
قاعدة " التابع تابع" والقواعد المتفرعة عنها
من ملك شيئا ملك ما هو من ضروراته
يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها
حكم شرب الدخان في المساجد ومجالس القرآن والعلم والمحافل
حكم الدخان من حيث الطهارة والنجاسة
تبليغ الوالي عن الجناة المستترين
التتابع في الصوم في كفارة اليمين
التتابع في الصوم في كفارة الظهار
التتابع في الصوم في كفارة الفطر في نهار رمضان
ما يقطع التتابع في صيام الكفارات
دخول رمضان والعيدين وأيام التشريق
استعمال التراب في التطهير من نجاسة الكلب
التثبت من استقبال القبلة في الصلاة
التثليث في الاستجمار والاستبراء
التثليث في تسبيحات الركوع والسجود
تجديد العصابة والحشو للاستحاضة
أثر المرض في إباحة الفطر عند خوف زيادته بالتجربة
أ - التلاوة، والأداء، والقراءة
أولا التحري لمعرفة الطاهر من غيره حالة الاختلاط
ثانيا معرفة القبلة بالاستدلال والتحري
خامسا التحري في معرفة مستحقي الزكاة
التحريف والتصحيف للأحاديث النبوية
التحلل الأصغر، ويسمى أيضا التحلل الأول
التحلل الأكبر - ويسمى أيضا التحلل الثاني
التحليق بمعنى الاستدارة في التشهد
هدم طلقات الأول بالزواج الثاني
ثانيا - تحمل العاقلة عن الجاني دية الخطأ، وشبه العمد
ثالثا - تحمل الإمام عن المأموم
التحميد لمن فرغ من الصلاة عقيب التسليم
التحميد في صلاة العيدين بعد التحريمة
التحميد في صلاة الاستسقاء وصلاة الجنازة
التحميد للخارج من الخلاء بعد قضاء حاجته
التحميد لمن سمع بشارة تسره، أو تجددت له نعمة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة
التحميد لمن يشرع في الوضوء، ولمن فرغ منه
تحول العين وأثره في الطهارة والحل
تحول الماء الراكد إلى الماء الجاري
التحول من القيام إلى القعود في الصلاة
تحول العقد الذي لم تستكمل شرائطه إلى عقد آخر
تحول الوقف عند انقطاع الموقوف عليه
تحول الملكية العامة من الإباحة إلى الملكية الخاصة وعكسه
تحول المعتدة من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة
تحول العدة من الأشهر إلى الأقراء وعكسه
تحول العدة من الأقراء إلى الأشهر
تحول الأرض العشرية إلى خراجية والعكس
تحول دار الإسلام إلى دار الحرب وعكسه
حكم التحية بالسلام لغير المسلم
أبو جعفر هو محمد بن عبد الله الهندواني
أبو الفرج السرخسي (٤٣٢ - ٤٩٤هـ)
أحمد بن محمد بن الجزري (٧٨٠ -؟)
أحمد بن محمد المنقور التميمي (؟ - ١١٢٥هـ)
سالم بن محمد السنهوري (٩٤٥ - ١٠١٥ هـ)
الشوكاني هو محمد بن علي الشوكاني
صاحب روضة الطالبين هو يحيى بن شرف النووي
عبد الله بن الزبير الحميدي (؟ - ٢١٩هـ)
المتولي هو عبد الرحمن بن مأمون
محمد علي المالكي (١٢٨٧ - ١٣٦٧هـ)
تَأَبُّدٌ
انْظُرْ: آبِدٌ.
تَأْبِيدٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - التَّأْبِيدُ: مَصْدَرُ أَبَّدَ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، وَمَعْنَاهُ لُغَةً: التَّخْلِيدُ. (١) وَأَصْلُهُ مِنْ أَبَدَ الْحَيَوَانُ يَأْبُدُ، وَيَأْبِدُ أُبُودًا، أَيِ: انْفَرَدَ وَتَوَحَّشَ. (٢)
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: تَقْيِيدُ التَّصَرُّفِ بِالأَْبَدِ، وَهُوَ: الزَّمَانُ الدَّائِمُ بِالشَّرْعِ أَوِ الْعَقْدِ.
وَيُقَابِلُهُ التَّوْقِيتُ وَالتَّأْجِيل، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ إِلَى زَمَنٍ يَنْتَهِي (٣) .
_________
(١) الصحاح مادة: " أبد ".
(٢) المصباح المنير، وانظر معنى مادة: " أبد " في القاموس المحيط وأساس البلاغة.
(٣) حاشية قليوبي مع شرح المحلي على المنهاج ٢ / ٣١٥ ط الحلبي. وانظر ما جاء في الكليات للكفوي في معنى الأبد ١ / ٢٦ ط دمشق.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
تَخْلِيدٌ:
٢ - التَّخْلِيدُ لُغَةً: إِدَامَةُ الْبَقَاءِ. قَال فِي الصِّحَاحِ: الْخُلْدُ دَوَامُ الْبَقَاءِ، تَقُول: خَلَدَ الرَّجُل يَخْلُدُ خُلُودًا، وَأَخْلَدَهُ اللَّهُ وَخَلَّدَهُ تَخْلِيدًا. (١)
وَالْفُقَهَاءُ اسْتَعْمَلُوا التَّخْلِيدَ فِي الْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي اللُّغَةِ، كَمَا فِي تَخْلِيدِ حَبْسِ الْمُتَمَرِّدِ. (٢) وَكَمَا فِي دَوَامِ حَبْسِ الْكَفِيل إِلَى حُضُورِ الْمَكْفُول. (٣)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّأْبِيدِ وَالتَّخْلِيدِ، أَنَّ التَّأْبِيدَ لِمَا لاَ يَنْتَهِي، وَالتَّخْلِيدُ قَدْ يَكُونُ لِمَا لاَ يَنْتَهِي، وَقَدْ يَكُونُ لِمَا يَنْتَهِي، كَمَا فِي تَخْلِيدِ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي النَّارِ لاَ يَقْتَضِي دَوَامَهُمْ فِيهَا، بَل يَخْرُجُونَ مِنْهَا. فَإِذَا قُيِّدَ التَّخْلِيدُ بِالأَْبَدِ كَانَ لِمَا لاَ يَنْتَهِي، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ (٤) .
التَّصَرُّفَاتُ مِنْ حَيْثُ التَّأْبِيدُ أَوْ عَدَمُهُ:
٣ - التَّصَرُّفَاتُ مِنْ حَيْثُ التَّأْبِيدُ أَوْ عَدَمُهُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَنْوَاعٍ:
الأَْوَّل: مَا هُوَ مُؤَبَّدٌ لاَ يَقْبَل التَّأْقِيتَ:
_________
(١) الصحاح، والمصباح المنير مادة: " خلد ".
(٢) جواهر الإكليل ٢ / ٢٧٦ نشر دار المعرفة، والخرشي ٤ / ٤٥٥.
(٣) حاشية قليوبي ٢ / ٣٢٨ نشر الحلبي.
(٤) سورة النساء / ١٦٩.
كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ، وَكَالْوَقْفِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
الثَّانِي: مَا هُوَ مُؤَقَّتٌ لاَ يَقْبَل التَّأْبِيدَ كَالإِْجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ.
وَالثَّالِثُ: مَا هُوَ قَابِلٌ لِلتَّوْقِيتِ وَالتَّأْبِيدِ كَالْكَفَالَةِ. (١)
وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيل مُصْطَلَحَ (تَأْقِيتٍ) وَانْظُرْ أَيْضًا (بَيْعٌ. هِبَةٌ. إِجَارَةٌ. إِلَخْ) .
تَأْبِينٌ
اُنْظُرْ: رِثَاءٌ.
تَأْجِيلٌ
اُنْظُرْ: أَجَلٌ.
تَأَخُّرٌ
اُنْظُرْ: تَأْخِيرٌ.
_________
(١) الفتاوى الهندية ٤ / ٣٦٣، والزيلعي ٣ / ٣٢٦، والخرشي ٦ / ١٢٦، والقرطبي ١٢ / ١٩٤، والروضة ٤ / ٤٣٦، ٤٣٧، ومغني المحتاج ٢ / ٢٠٧، وكشاف القناع ٤ / ٦٢، والمغني مع الشرح الكبير ٦ / ٢٢١.
تَأْخِيرٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - التَّأْخِيرُ لُغَةً: ضِدُّ التَّقْدِيمِ، وَمُؤَخَّرُ كُل شَيْءٍ: خِلاَفُ مُقَدَّمِهِ. (١)
وَاصْطِلاَحًا: هُوَ فِعْل الشَّيْءِ فِي آخِرِ وَقْتِهِ الْمُحَدَّدِ لَهُ شَرْعًا، كَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَالصَّلاَةِ، أَوْ خَارِجَ الْوَقْتِ (سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَقْتُ مُحَدَّدًا شَرْعًا أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ) كَتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - التَّرَاخِي:
٢ - التَّرَاخِي فِي اللُّغَةِ: الاِمْتِدَادُ فِي الزَّمَانِ. يُقَال: تَرَاخَى الأَْمْرُ تَرَاخِيًا: امْتَدَّ زَمَانُهُ، وَفِي الأَْمْرِ تَرَاخٍ أَيْ فُسْحَةٌ (٢) . وَمَعْنَى التَّرَاخِي عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: هُوَ مَشْرُوعِيَّةُ فِعْل الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا الْمُمْتَدِّ، وَهُوَ ضِدُّ الْفَوْرِ كَالصَّلاَةِ وَالْحَجِّ، وَعَلَى هَذَا فَيَتَّفِقُ التَّأْخِيرُ مَعَ التَّرَاخِي فِي فِعْل الْعِبَادَةِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا، وَيَخْتَلِفَانِ
_________
(١) لسان العرب والمصباح المنير. مادة " أبد ".
(٢) المصباح المنير.
فِي حَال إِيقَاعِ الْعِبَادَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ، فَيُسَمَّى ذَلِكَ تَأْخِيرًا لاَ تَرَاخِيًا (١) .
ب - الْفَوْرُ:
٣ - الْفَوْرُ فِي اللُّغَةِ: كَوْنُ الشَّيْءِ عَلَى الْوَقْتِ الْحَاضِرِ الَّذِي لاَ تَأْخِيرَ فِيهِ. (٢)
يُقَال: فَارَتِ الْقِدْرُ فَوْرًا وَفَوَرَانًا: غَلَتْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: الشُّفْعَةُ عَلَى الْفَوْرِ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ مَشْرُوعِيَّةُ الأَْدَاءِ فِي أَوَّل أَوْقَاتِ الإِْمْكَانِ بِحَيْثُ يَلْحَقُهُ الذَّمُّ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ. (٣)
وَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذَا أَنَّ بَيْنَ الْفَوْرِ وَالتَّأْخِيرِ تَبَايُنًا.
ج - التَّأْجِيل:
٤ - التَّأْجِيل فِي اللُّغَةِ: أَنْ تَضْرِبَ لِلشَّيْءِ أَجَلًا. يُقَال: أَجَّلْتُهُ تَأْجِيلًا أَيْ جَعَلْتَ لَهُ أَجَلًا. (٤)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ. (٥)
وَعَلَى هَذَا فَالتَّأْخِيرُ أَعَمُّ مِنَ التَّأْجِيل، إِذْ يَكُونُ التَّأْخِيرُ بِأَجَلٍ وَبِغَيْرِ أَجَلٍ.
_________
(١) مسلم الثبوت ١ / ٣٨٦، والتعريفات للجرجاني.
(٢) المصباح ولسان العرب مادة: " فور ".
(٣) ابن عابدين ٢ / ١٤٠، والتعريفات ص ١٤٨ ط الحلبي.
(٤) المصباح المنير مادة: " أجل ".
(٥) الفواكه الدواني ٢ / ١٤٤، ومغني المحتاج ٢ / ١٠٥، وابن عابدين ٤ / ٢٠٣.
هـ - التَّعْجِيل:
٥ - التَّعْجِيل: الإِْسْرَاعُ بِالشَّيْءِ. يُقَال: عَجَّلْتُ إِلَيْهِ الْمَال: أَسْرَعْتَ إِلَيْهِ بِحُضُورِهِ فَتَعَجَّلَهُ أَيْ أَخَذَهُ بِسُرْعَةٍ.
وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الإِْتْيَانُ بِالْفِعْل قَبْل الْوَقْتِ الْمُحَدَّدِ لَهُ كَتَعْجِيل الزَّكَاةِ، أَوْ فِي أَوَّل الْوَقْتِ كَتَعْجِيل الْفِطْرِ (١)، قَال ﵊: لاَ تَزَال أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ (٢) . فَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا أَنَّ بَيْنَ التَّأْخِيرِ وَالتَّعْجِيل تَبَايُنًا.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ (لِلتَّأْخِيرِ):
٦ - الأَْصْل فِي الشَّرْعِ عَدَمُ تَأْخِيرِ الْفِعْل إِلَى آخِرِ وَقْتِهِ أَوْ خَارِجَ الْوَقْتِ الْمُحَدَّدِ لَهُ شَرْعًا، كَتَأْخِيرِ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ مِثْل الصَّلاَةِ، أَوْ عَنِ الْوَقْتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَأَدَاءِ مَا فِي الذِّمَّةِ، إِلاَّ
_________
(١) المصباح المنير مادة: " عجل " وابن عابدين ٢ / ٣٩٧، ومغني المحتاج ١ / ٤٣٤.
(٢) حديث: " لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور. . . ". أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ١٩٨ - ط السلفية) ومسلم (٢ / ٧٧١ - ط الحلبي) من حديث سهل بن سعد بلفظ " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " واللفظ المذكور في البحث أخرجه أحمد (٥ / ١٧٢ - ط الميمنية) من حديث أبي ذر، وأورده الهيثمي في المجمع (٣ / ١٥٤ - ط القدسي) وقال: " فيه سليمان بن عثمان وهو مجهول. . . ".
إِذَا وُجِدَ نَصٌّ يُجِيزُ التَّأْخِيرَ، أَوْ قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَوْ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ خَارِجٌ عَنْ مَقْدُورِ الْعَبْدِ.
وَقَدْ يَعْرِضُ مَا يُخْرِجُ التَّأْخِيرَ عَنْ هَذَا الأَْصْل إِلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ أَوِ الْكَرَاهَةِ أَوِ الإِْبَاحَةِ.
فَيَجِبُ التَّأْخِيرُ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْحَامِل حَتَّى تَلِدَ، وَيَسْتَغْنِيَ عَنْهَا وَلِيدُهَا. (١)
أَمَّا الْمَرِيضُ، فَإِنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ يُؤَخَّرُ عَنْهُ الْحَدُّ حَتَّى يَبْرَأَ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلاَ يُؤَخَّرُ. (٢) وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ بِالنَّفْسِ.
وَيُنْدَبُ: كَتَأْخِيرِ السُّحُورِ إِلَى آخِرِ اللَّيْل، وَتَأْخِيرِ الْوِتْرِ إِلَى وَقْتِ السَّحَرِ لِمَنْ وَثِقَ بِصَلاَتِهِ فِيهِ، وَكَتَأْخِيرِ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنْ وَقْتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْسِرِ لِوُجُودِ عُذْرِ الإِْعْسَارِ (٣) . قَال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ (٤) وَيُكْرَهُ: كَتَأْخِيرِ الإِْفْطَارِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، إِذِ السُّنَّةُ فِي الإِْفْطَارِ التَّعْجِيل.
وَيُبَاحُ: كَتَأْخِيرِ الصَّلاَةِ عَنْ أَوَّل الْوَقْتِ مَا لَمْ يَدْخُل فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ.
_________
(١) المغني ٧ / ٧٣١ ط القاهرة.
(٢) المغني ٨ / ١٧٣ نشر مكتبة الرياض.
(٣) أحكام القرآن للجصاص ١ / ٥٦٨
(٤) سورة البقرة / ١٨٠
تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ:
٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَأْخِيرِ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ لِتُصَلَّى جَمْعًا مَعَ الْعِشَاءِ، وَذَلِكَ لِلْحَاجِّ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ. وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ جَمْعِ صَلاَتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا، وَكَذَا فِي جَمْعِ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِهِ فِي أَعْذَارٍ مُعَيَّنَةٍ، وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَيُنْظَرُ الْخِلاَفُ وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (جَمْعُ الصَّلاَةِ) .
تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ لِفَاقِدِ الْمَاءِ:
٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى سُنِّيَّةِ تَأْخِيرِ الصَّلاَةِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ إِذَا تُيُقِّنَ وُجُودُ الْمَاءِ فِي آخِرِهِ، وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ بِأَلاَّ يَدْخُل وَقْتُ الْكَرَاهَةِ.
أَمَّا إِذَا ظَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ، أَوْ رَجَاهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ أَفْضَل بِشَرْطِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ يَتَيَمَّمُ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ نَدْبًا، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّعْجِيل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَل. (١)
تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ بِلاَ عُذْرٍ:
٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ تَأْخِيرِ الصَّلاَةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا بِلاَ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ (٢) .
_________
(١) ابن عابدين ١ / ١٦٦، والدسوقي ١ / ١٥٧، ومغني المحتاج ١ / ٨٩، وكشاف القناع ١ / ١٧٨.
(٢) الدسوقي ١ / ١٨٩ - ٢٦٣، والمجموع ٣ / ١٣.
أَمَّا مَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ كَسَلًا وَهُوَ مُوقِنٌ بِوُجُوبِهَا، وَكَانَ تَرْكُهُ لَهَا بِلاَ عُذْرٍ وَلاَ تَأَوُّلٍ وَلاَ جَهْلٍ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ. قَال الْحَصْكَفِيُّ: لأَِنَّهُ يُحْبَسُ لِحَقِّ الْعَبْدِ، فَحَقُّ (الْحَقِّ) أَحَقُّ.
وَقِيل: يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيل مِنْهُ الدَّمُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا دُعِيَ إِلَى فِعْلِهَا، فَإِنْ تَضَيَّقَ وَقْتُ الَّتِي تَلِيهَا وَأَبَى الصَّلاَةَ يُقْتَل حَدًّا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْتَل لِكُفْرِهِ.
قَال فِي الإِْنْصَافِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الأَْصْحَابِ.
أَمَّا تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَهُوَ خِلاَفُ الأَْوْلَى لِقَوْلِهِ ﷺ: أَوَّل الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَوَسَطُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ (١) وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إِلَى أَحَدِ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ. (٢) وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
_________
(١) حديث: " أول الوقت رضوان الله ووسطه رحمة الله وآخره عفو الله " أخرجه الدارقطني (١ / ٢٤٩ - ط شركة الطباعة الفنية) وفي إسناده يعقوب بن الوليد المدني، كذبه أحمد بن حنبل وابن معين. (التلخيص لابن حجر ١ / ١٨٠ - ط دار المحاسن) .
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٣٥.
تَأْخِيرُ دَفْعِ الزَّكَاةِ:
١٠ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ دَفْعِ الزَّكَاةِ عَنْ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهَا وَأَنَّهَا يَجِبُ إِخْرَاجُهَا عَلَى الْفَوْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (١) وَهَذَا فِي زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَيُلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا.
وَالَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ الْبَاقِلاَّنِيُّ وَالْجَصَّاصُ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ أَدَّى يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى آخِرِ عُمْرِهِ يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّ إِلَى أَنْ مَاتَ يَأْثَمُ. (٢)
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ بَعْدَ الْحَوْل مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ الإِْخْرَاجِ فَتَلِفَ بَعْضُ الْمَال أَوْ كُلُّهُ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا، وَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا أَخَّرَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِهَلاَكِ الْمَال بَعْدَ الْحَوْل، سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنَ الأَْدَاءِ أَمْ لَمْ يَتَمَكَّنْ. (٣)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةٌ) .
_________
(١) سورة الأنعام / ١٤١.
(٢) ابن عابدين ٢ / ١٢ - ١٣، والدسوقي ١ / ٥٠٠، ومغني المحتاج ١ / ٤١٣، وكشاف القناع ٢ / ٥٥.
(٣) ابن عابدين ٢ / ٧٣، والدسوقي ١ / ٥٠٣، ومغني المحتاج ١ / ٤١٨، وكشاف القناع ٢ / ٥٥.