الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ -

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السُّؤْرُ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِل فَمُهُ إِلَى الْمَاءِ لاَ يُنْزَحُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ وَصَل وَكَانَ سُؤْرُهُ طَاهِرًا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ. يَقُول الْكَاسَانِيُّ: وَقَال الْبَعْضُ: الْمُعْتَبَرُ السُّؤْرُ. وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: وَكُل حَيَوَانٍ حُكْمُ جِلْدِهِ وَشَعْرِهِ وَعَرَقِهِ وَدَمْعِهِ وَلُعَابِهِ حُكْمُ سُؤْرِهِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ. (١) وَيُنْظَرُ حُكْمُ السُّؤْرِ فِي مُصْطَلَحِ " سُؤْر ".

١٦ - وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَغَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ يَتَّجِهُونَ إِلَى عَدَمِ التَّوَسُّعِ فِي الْحُكْمِ بِالتَّنَجُّسِ بِوُقُوعِ الْحَيَوَانِ ذِي النَّفْسِ السَّائِلَةِ (الدَّمِ السَّائِل) عُمُومًا، وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ اخْتِلاَفٍ بَيْنَهُمْ.

فَالْمَالِكِيَّةُ يَنُصُّونَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الرَّاكِدَ، أَوِ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ، أَوْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا، إِذَا مَاتَ فِيهِ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ، أَوْ حَيَوَانٌ بَحْرِيٌّ، لاَ يَنْجُسُ، وَإِنْ كَانَ يُنْدَبُ نَزْحُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، لاِحْتِمَال نُزُول فَضَلاَتٍ مِنَ الْمَيِّتِ، وَلأَِنَّهُ تَعَافُهُ النَّفْسُ. (٢) وَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَأُخْرِجَ حَيًّا، أَوْ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ مَاتَ بِالْخَارِجِ، فَإِنَّ الْمَاءَ لاَ يَنْجُسُ وَلاَ يُنْزَحُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لأَِنَّ سُقُوطَ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ لاَ يُطْلَبُ بِسَبَبِهِ النَّزْحُ. وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْخِلاَفَ فِيهِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا. وَمَوْتُ الدَّابَّةِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ فِيهَا. وَلأَِنَّ سُقُوطَ الدَّابَّةِ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي الْمَاءِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ سُقُوطِ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ، وَذَاتُهَا صَارَتْ نَجِسَةً بِالْمَوْتِ. فَلَوْ طُلِبَ النَّزْحُ فِي سُقُوطِهَا مَيِّتَةً لَطُلِبَ فِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَلاَ قَائِل بِذَلِكَ فِي الْمَذْهَبِ.

_________

(١) البدائع ١ / ٧٤، وتبيين الحقائق ١ / ٢٨ - ٣٠، والمغني١ / ٤٥ ط سنة ١٣٤٦ هـ.

(٢) بلغة السالك ١ / ١٥ - ١٦