الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ -

نَفْسَهُ لِلْقِيَامِ بِهِ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ، كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْحَرْثِ. أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَهُ لِنَفْسِهِ، كَعَصْرِ الْخَمْرِ، وَرَعِي الْخَنَازِيرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ. فَإِنْ فَعَل فَإِنَّ الإِْجَارَةَ تُرَدُّ قَبْل الْعَمَل. وَإِنْ عَمِل فَإِنَّ الأُْجْرَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الْكَافِرِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا. وَلاَ يَسْتَحِلُّهَا لِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ لأَِجْل الْجَهْل.

وَالْمِعْيَارُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَل غَيْرَ الْخِدْمَةِ الشَّخْصِيَّةِ. أَمَّا إِنْ كَانَتِ الإِْجَارَةُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِخِدْمَتِهِ مِنْ نَحْوِ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ لَهُ، وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَال الْبَعْضُ: لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ حَبْسَ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْكَافِرِ، وَإِذْلاَلَهُ فِي خِدْمَتِهِ. وَهُوَ فِيمَا يَبْدُو الْمَقْصُودُ مِنَ الْقَوْل بِالْجَوَازِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ - كَالْبَيْعِ - مَعَ الْكَرَاهَةِ الَّتِي عَلَّلُوهَا بِأَنَّ الاِسْتِخْدَامَ اسْتِذْلاَلٌ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُذِل نَفْسَهُ، خُصُوصًا بِخِدْمَةِ الْكَافِرِ.

وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إِجَارَةُ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِدْمَةِ، فَجَازَ فِيهَا. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْقَلْيُوبِيِّ وَالشِّرْوَانِيِّ يَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا، وَلَوْ إِجَارَةَ عَيْنٍ وَيُؤْمَرُ وُجُوبًا بِإِجَارَتِهِ لِمُسْلِمٍ. وَلِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ مِنْهَا. وَلاَ يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ خِدْمَةُ كَافِرٍ وَلَوْ غَيْرَ إِجَارَةٍ.

وَفِي الْمُهَذَّبِ أَنَّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ قَال: لَوِ اسْتَأْجَرَ الْكَافِرُ مُسْلِمًا فَفِيهِ قَوْلاَنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا. (١)

_________

(١) الشرح الصغير ٤ / ٣٥، وشرح الخرشي ٧ / ١٩، ٢٠، والبدائع ٤ / ١٨٩، وحاشية القليوبي ٣ / ٦٧، والمهذب ١ / ٣٩٥، والمغني ٦ / ١٣٨، ١٣٩، والتحفة بحاشية الشرواني ٦ / ١٢٢