الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إجارة - الفصل الخامس الاختلاف بين المؤجر والمستأجر
تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَكَانَ كُل جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَنَافِعِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ عَقْدًا مُبْتَدَأً. فَإِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بِالْمُسْتَأْجَرِ كَانَ هَذَا عَيْبًا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْل الْقَبْضِ، وَهَذَا يُوجِبُ الْخِيَارَ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ، فَكَذَا فِي الإِْجَارَةِ، فَلاَ فَرْقَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وَفُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ يُجْمِعُونَ عَلَى هَذَا، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْمَذَاهِبِ تَرَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَيْنِ، وَأَنَّهُ يَتِمُّ تَسْلِيمُهَا عِنْدَ التَّعَاقُدِ إِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ، بَل صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِهَذَا التَّعْلِيل. يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا حَصَل الْعَيْبُ أَثْنَاءَ الاِنْتِفَاعِ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي خِيَارُ الْفَسْخِ؛ لأَِنَّ الْمَنَافِعَ لاَ يَحْصُل قَبْضُهَا إِلاَّ شَيْئًا فَشَيْئًا. إِلَخْ. (١)
وَإِنْ زَال الْعَيْبُ قَبْل الْفَسْخِ - بِأَنْ زَال الْعَرَجُ عَنِ الدَّابَّةِ أَوْ بَادَرَ الْمُكْرِي إِلَى إِصْلاَحِ الدَّارِ - لاَ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الرَّدِّ وَبَطَل حَقُّهُ فِي طَلَبِ الْفَسْخِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ. (٢)
الْفَصْل الْخَامِسُ
الاِخْتِلاَفُ بَيْنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ
٧٧ - قَدْ يَقَعُ اخْتِلاَفٌ بَيْنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي بَعْضِ أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِالإِْجَارَةِ، كَالْمُدَّةِ وَالْعِوَضِ وَالتَّعَدِّي، وَالرَّدِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلِمَنْ يَكُونُ الْقَوْل عِنْدَ انْعِدَامِ الْبَيِّنَةِ؟
وَقَدْ أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ (عَلَى اخْتِلاَفِ مَذَاهِبِهِمْ) صُوَرًا شَتَّى فِي هَذَا الأَْمْرِ. وَتَرْجِعُ آرَاؤُهُمْ كُلُّهَا إِلَى تَحْدِيدِ كُلٍّ مِنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَيَكُونُ عَلَى
_________
(١) المغني ٦ / ٣٠، ٣١
(٢) البدائع ٤ / ١٩٦، والمهذب ١ / ٤٠٥، والدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٢٩، والشرح الصغير ٤ / ٥٢