الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إثبات - طرق إثبات الدعوى - الإقرار - مرتبة الإقرار بين طرق الإثبات
وَمِنَ السُّنَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقَامَ الْحَدَّ عَلَى مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ (١) بِنَاءً عَلَى إِقْرَارِهِمَا بِالزِّنَا.
وَقَدْ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى الآْنَ عَلَى أَنَّ الإِْقْرَارَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُقِرِّ، يُؤْخَذُ بِهِ وَيُعَامَل بِمُقْتَضَاهُ.
وَدَلِيلُهُ مِنْ الْمَعْقُول: انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ، فَإِنَّ الْعَاقِل لاَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ كَذِبًا. (٢)
مَرْتَبَةُ الإِْقْرَارِ بَيْنَ طُرُقِ الإِْثْبَاتِ.
٨ - الْفُقَهَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الإِْقْرَارَ أَقْوَى الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ غَالِبًا.
فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الإِْقْرَارَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَوْقَ الشَّهَادَةِ، بِنَاءً عَلَى انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ غَالِبًا، وَلاَ يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَحْدَهُ، فِي حِينِ أَنَّ الشَّهَادَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ؛ لأَِنَّ الْقُوَّةَ وَالضَّعْفَ وَرَاءَ التَّعَدِّيَةِ وَالاِقْتِصَارِ. فَاتِّصَافُ الإِْقْرَارِ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى نَفْسِ الْمُقِرِّ، وَالشَّهَادَةِ بِالتَّعَدِّيَةِ إِلَى الْغَيْرِ، لاَ يُنَافِي اتِّصَافَهُ بِالْقُوَّةِ وَاتِّصَافَهَا بِالضَّعْفِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، بِنَاءً عَلَى انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ دُونَهَا. (٣)
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الإِْقْرَارَ أَبْلَغُ مِنَ الشَّهَادَةِ.
قَال أَشْهَبُ: " قَوْل كُل أَحَدٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْجَبُ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى غَيْرِهِ. " (٤)
_________
(١) حديث ماعز رواه البخاري وغيره وحديث الغامدية رواه مسلم (تلخيص الحبير ٤ / ٥٧، ٥٨) طبع الفنية المتحدة.
(٢) تكملة فتح القدير ٧ / ٢٩٩ ط الميمنية، والرهوني على الزرقاني ٦ / ١٤١، والبجيرمي على الخطيب ٣ / ١١٩، وحاشية الجمل على شرح المنهج ٣ / ٤٢٧، والمغني مع الشرح ٥ / ٢٧١، وكشاف القناع ٦ / ٣٦٧
(٣) تكملة فتح القدير ٧ / ٢٩٩.
(٤) تبصرة الحكام ٢ / ٣٩ ط الحلبي.