الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ -

صَرِيحَةً بِلَفْظِ الإِْبْضَاعِ، أَوِ الْبِضَاعَةِ، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ صَرِيحَةٍ، كَأَنْ يَقُول: خُذْ هَذَا الْمَال مُضَارَبَةً، عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِي. وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحَل خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (١) . فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لاَ يَصِحُّ، وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّنَاقُضِ؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: " مُضَارَبَةً " يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ، وَقَوْلَهُ: " الرِّبْحُ كُلُّهُ لِي " يَقْتَضِي عَدَمَهَا، فَتَنَاقَضَ قَوْلُهُ، فَفَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ، وَلأَِنَّهُ اشْتَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِالرِّبْحِ، وَهَذَا شَرْطٌ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ فَفَسَدَ، وَلأَِنَّ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ لاَ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، فَالْمُضَارَبَةُ لاَ تَنْقَلِبُ إِبْضَاعًا وَلاَ قَرْضًا. وَعَلَى هَذَا اعْتَبَرُوا هَذَا الْعَقْدَ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً. (٢)

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ هَذَا إِبْضَاعٌ صَحِيحٌ، لِوُجُودِ مَعْنَى الإِْبْضَاعِ هُنَا، فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَال: اتَّجِرْ بِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِمَعَانِيهَا.

وَالْمَالِكِيَّةُ أَجَازُوا اشْتِرَاطَ رِبْحِ الْقِرَاضِ كُلِّهِ لِرَبِّ الْمَال أَوْ لِلْعَامِل فِي مَشْهُورِ مَذْهَبِ مَالِكٍ، أَوْ لِغَيْرِهِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ، لَكِنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْعَقْدَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إِبْضَاعٌ،

_________

(١) حاشية الرشيدي والشبراملسي على نهاية المحتاج ٥ / ٢٢٤، وتحفة المحتاج ٦ / ٨٩

(٢) مطالب أولي النهى ٣ / ٥١٨ ط المكتب الإسلامي، والإنصاف ٥ / ٤٢٨ ط حامد الفقي، والمقنع ٢ / ١٧٢، والمغني والشرح الكبير ٥ / ١٣٦، والموسوعة الفقهية، بحث المضاربة ف ٤، وحاشية الرشيدي على نهاية المحتاج ٥ / ٢٢٤، وحاشية الشرواني على تحفة المحتاج ٦ / ٨٩، والمهذب ١ / ٣٨٥