الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إبراء - سماع الدعوى بعد الإبراء العام

وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلاَنِ فِي الأَْثَرِ الأُْخْرَوِيِّ لِلإِْبْرَاءِ مَعَ الإِْنْكَارِ.

أَوَّلُهُمَا: وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْضًا فِي اسْتِحْلاَل الْغَاصِبِ: أَنَّهُ يَبْرَأُ، فَلاَ يُؤَاخَذُ بِحَقٍّ جَحَدَهُ وَأَبْرَأَهُ صَاحِبُهُ مِنْهُ. وَيَتَّصِل بِهَذَا الاِتِّجَاهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الإِْبْرَاءِ مِنَ الْمَجْهُول (الَّذِي لَمْ يُصَحِّحُوهُ) مِنْ أَنَّهُ يَبْرَأُ بِهِ فِي الآْخِرَةِ، لأَِنَّ الْمُبْرِئَ رَاضٍ بِذَلِكَ.

وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ: لاَ تَسْقُطُ عَنْهُ مُطَالَبَةُ اللَّهِ فِي الآْخِرَةِ بِحَقِّ خَصْمِهِ. (١)

سَمَاعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الإِْبْرَاءِ الْعَامِّ:

٥٩ - سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَى أَنَّ الأَْثَرَ التَّبَعِيَّ لِلإِْبْرَاءِ هُوَ مَنْعُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ التَّفْصِيل التَّالِيَ الَّذِي لَمْ نَعْثُرْ لِغَيْرِهِمْ عَلَى مِثْلِهِ: إِنْ كَانَ الإِْبْرَاءُ الْعَامُّ عَنِ الدَّيْنِ فَلاَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ إِلاَّ عَنْ دَيْنٍ حَادِثٍ بَعْدَ الإِْبْرَاءِ.

أَمَّا إِنْ كَانَ عَنْ عَيْنٍ فَلاَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا كَوْنَ الْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي لأَِنَّهُ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِالإِْبْرَاءِ بَل بِالإِْنْكَارِ، فَيَكُونُ الإِْبْرَاءُ مِنَ الْمُدَّعِي مُوَافَقَةً عَلَى ذَلِكَ الإِْنْكَارِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِالإِْبْرَاءِ الصَّادِرِ عَنْهُ، فَإِنَّ الْعَيْنَ إِذَا كَانَتْ قَائِمَةً تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهَا بَعْدَ الإِْبْرَاءِ عَنْهَا. (أَمَّا إِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَهُوَ إِبْرَاءٌ

_________

(١) الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٤١١ نقلا عن شرح القرطبي لصحيح مسلم، وإعانة الطالبين ٣ / ١٥٢، ومجموع فتاوى ابن تيمية ٣ / ٣٧٦ ط الرياض.