الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إبراء - موضوع الإبراء - الإبراء عن الحقوق
لاَقَى عَيْنًا لاَ يَصِحُّ، مَحْمُولٌ - كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ - عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الإِْبْرَاءُ الْمُقَيَّدُ بِالْعَيْنِ.
ثُمَّ قَال: وَمَعْنَى بُطْلاَنِ الإِْبْرَاءِ عَنِ الأَْعْيَانِ أَنَّهَا لاَ تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى دَعْوَاهُ، بَل تَسْقُطُ فِي الْحُكْمِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لاِبْنِ عَابِدِينَ: مَعْنَاهُ أَنَّ لِلْمُبْرِئِ أَخْذَ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً، فَلَوْ هَلَكَتْ سَقَطَ (أَيْ ضَمَانُهَا) لأَِنَّهَا بِالإِْبْرَاءِ صَارَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ، أَيْ أَمَانَةً. (١)
وَقَدِ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَدَمِ تَصْحِيحِ الإِْبْرَاءِ عَنِ الْعَيْنِ نَفْسِهَا مَا لَوْ كَانَتِ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً، كَالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، فَإِنَّ الإِْبْرَاءَ عَنْهَا صَحِيحٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ هَالِكَةً أَمْ قَائِمَةً، لأَِنَّ الْهَالِكَةَ كَالدَّيْنِ، وَالْقَائِمَةَ يُرَادُ الْبَرَاءَةُ عَنْ ضَمَانِهَا لَوْ هَلَكَتْ، فَتَصِيرُ بَعْدَ الإِْبْرَاءِ كَالْوَدِيعَةِ، وَالإِْبْرَاءُ عَنِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ يَصِحُّ قَضَاءً لاَ دِيَانَةً.
الإِْبْرَاءُ عَنِ الْحُقُوقِ:
٤٢ - الْحُقُوقُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ حَقًّا خَالِصًا لِلَّهِ ﷿، أَوْ حَقًّا خَالِصًا لِلْعَبْدِ، أَوْ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَعَ غَلَبَةِ أَحَدِهِمَا. وَهِيَ إِمَّا مَالِيَّةٌ كَالْكَفَالَةِ، أَوْ غَيْرُ مَالِيَّةٍ، كَحَدِّ الْقَذْفِ.
وَالإِْبْرَاءُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعُهُ حَقًّا بِعَيْنِهِ، أَوْ جَمِيعَ الْحُقُوقِ، بِحَسَبِ الصِّيغَةِ، كَمَا لَوْ قَال: لاَ حَقَّ لِي قِبَل فُلاَنٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا يَقْتَضِي الْعُرْفُ اسْتِيعَابَهُ جَمِيعَ الْحُقُوقِ، عَلَى الرَّاجِحِ الْمُصَرَّحِ بِهِ عِنْدَ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣٣٨، وتنبيه الأعلام (من مجموعة رسائل ابن عابدين ٢ / ٨٨)، إعلام الأعلام له أيضا ٢ / ٩٧، ٩٨