الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إبراء - المبرأ منه (المحل) وشروطه
بِبَرَاءَةِ كُل مَدِينٍ لَهُ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ إِذَا كَانَ يَقْصِدُ مَدِينًا مُعَيَّنًا أَوْ أُنَاسًا مَحْصُورِينَ. (١)
وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي الْمُبْرَأِ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِالْحَقِّ، بَل يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ لِلْمُنْكِرِ أَيْضًا، بَل حَتَّى لَوْ جَرَى تَحْلِيفُ الْمُنْكِرِ يَصِحُّ إِبْرَاؤُهُ بَعْدَهُ؛ لأَِنَّ الْمُبْرِئَ يَسْتَقِل بِالإِْبْرَاءِ - لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إِلَى الْقَبُول - فَلاَ حَاجَةَ فِيهِ إِلَى تَصْدِيقِ الْغَرِيمِ. (٢)
الْمُبْرَأُ مِنْهُ (الْمَحَل) وَشُرُوطُهُ:
٣١ - يَخْتَلِفُ الْمُبْرَأُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْحُقُوقِ أَوِ الدُّيُونِ أَوِ الأَْعْيَانِ. وَسَيَأْتِي الْكَلاَمُ عَنْ ذَلِكَ فِي (مَوْضُوعِ الإِْبْرَاءِ) . وَتَبَعًا لِلاِخْتِلاَفِ السَّابِقِ بَيَانُهُ، فِي أَنَّ الإِْبْرَاءَ إِسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ أَوِ الْغَالِبُ فِيهِ أَحَدُهُمَا، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ الإِْبْرَاءِ مِنَ الْمَجْهُول، فَمَنْ نَظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى مَعْنَى التَّمْلِيكِ اشْتَرَطَ الْعِلْمَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ تَمْلِيكُ الْمَجْهُول، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى مَعْنَى الإِْسْقَاطِ ذَهَبَ إِلَى الصِّحَّةِ.
فَالاِتِّجَاهُ الأَْوَّل الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) أَنَّ الإِْبْرَاءَ مِنَ الْمَجْهُول صَحِيحٌ، بَل صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيل بِالإِْبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ الْمُبْرَأُ مِنْهُ مَجْهُولًا لِكُلٍّ مِنَ الثَّلاَثَةِ (الْمُوَكِّل، وَالْوَكِيل، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ) لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ - كَمَا قَالُوا - هِبَةٌ، وَهِبَةُ الْمَجْهُول جَائِزَةٌ. وَمَثَّلُوا لِذَلِكَ بِمَا لَوْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ غَرِيمِهِ،
_________
(١) المجلة العدلية المادة ١٥٦٧، مرشد الحيران المادة ٢٣٧ (نقلا عن الفتاوى الأنقروية ٢ / ١٠٥)، وإعلام الأعلام لابن عابدين ١٠٢، والعناية شرح الهداية ٦ / ٢٨١ الطبعة الأولى.
(٢) شرح الروض ٢ / ٢١٧، والدسوقي ٣ / ٣٠٩ ط دار الفكر، وفتح القدير ٧ / ٢٣ ط دار صادر.