الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ -
الإِْبْرَاءِ بِأَنَّهُ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ فَهُوَ لَيْسَ مِنَ الإِْبْرَاءِ الْمُطْلَقِ وَإِنْ سَمَّاهُ ابْنُ الْهُمَامِ تَجَوُّزًا (إِبْرَاءً مُؤَقَّتًا) . (١)
وَمِثْل الْقَوْل فِي ذَلِكَ الْكِتَابَةُ الْمَرْسُومَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ، أَوِ الإِْشَارَةُ الْمَعْهُودَةُ، بِشُرُوطِهِمَا الْمُفَصَّلَةِ فِي مَوْطِنِهِمَا.
٢١ - وَقَدْ أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ - بِالإِْضَافَةِ إِلَى لَفْظِ الإِْبْرَاءِ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَى حُصُول الإِْيجَابِ بِهِ - أَمْثِلَةً عَدِيدَةً لِمَا يُؤَدِّي مَعْنَى الإِْبْرَاءِ. وَلَمْ يَنُصَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى انْحِصَارِ الصِّيغَةِ فِيمَا أَشَارُوا إِلَيْهِ، وَمِنْ تِلْكَ الأَْلْفَاظِ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا صِيغَتُهُ: الإِْسْقَاطُ، وَالتَّمْلِيكُ، وَالإِْحْلاَل، وَالتَّحْلِيل، وَالْوَضْعُ، وَالْعَفْوُ، وَالْحَطُّ، وَالتَّرْكُ، وَالتَّصَدُّقُ، وَالْهِبَةُ، وَالْعَطِيَّةُ. قَال الْبُهُوتِيُّ: وَإِنَّمَا صَحَّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ يَتَنَاوَلُهَا اللَّفْظُ انْصَرَفَ إِلَى مَعْنَى الإِْبْرَاءِ. ثُمَّ نَقَل عَنِ الْحَارِثِيِّ قَوْلَهُ: لَوْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ هِبَةً حَقِيقِيَّةً لَمْ يَصِحَّ، لاِنْتِفَاءِ مَعْنَى الإِْسْقَاطِ وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ. (٢) كَمَا اسْتَدَل مِنْ مَثَّل بِلَفْظِ الْعَفْوِ أَوِ التَّصَدُّقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي شَأْنِ الإِْبْرَاءِ مِنَ الْمَهْرِ ﴿إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ وقَوْله تَعَالَى فِي شَأْنِ الإِْبْرَاءِ مِنَ الدِّيَةِ ﴿فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ وقَوْله تَعَالَى فِي شَأْنِ إِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وَبِقَوْلِهِ ﵊
_________
(١) فتح القدير ٦ / ٣٠٨ ط بولاق.
(٢) الشرواني على تحفة المحتاج ٥ / ١٩٢، ونهاية المحتاج ٤ / ٣٧٣، والقليوبي ٣ / ١١٢ و٣٠٨، وفتح المعين ٢٤٣، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٥٢١ ط دار الفكر، والفروع ٤ / ١٩٢، والدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٩٩، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٤٥٦، وفتح القدير ٦ / ٣١٠ ط دار إحياء التراث، والمقنع ٢ / ٣٣٤ ط السلفية، والشرح الكبير على المقنع ٥ / ٣ ط المنار