الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إبراء - الإبراء للإسقاط أو التمليك - الاتجاه الثالث
لِلإِْسْقَاطِ أَوِ التَّمْلِيكِ. وَتَبَايَنَتْ أَقْوَال الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَوْجِيهِ الأَْحْكَامِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ كَانَ لِكُل مَذْهَبٍ رَأْيٌ غَالِبٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِكُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ لِلإِْسْقَاطِ. قَال السُّبْكِيُّ: لَوْ كَانَ الإِْبْرَاءُ تَمْلِيكًا لَصَحَّ الإِْبْرَاءُ مِنَ الأَْعْيَانِ.
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: مَا نَقَلَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ مُفْلِحٍ الْحَنْبَلِيُّ فِي بَعْضِ الْمَسَائِل، أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ. قَال الْقَاضِي زَكَرِيَّا: الإِْبْرَاءُ، وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا، الْمَقْصُودُ مِنْهُ الإِْسْقَاطُ. (١)
الاِتِّجَاهُ الثَّالِثُ: مَا نَقَلَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ أَيْضًا، أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْحَنَابِلَةِ جَزَمُوا بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ، وَقَالُوا: إِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ إِسْقَاطٌ، فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إِيَّاهُ ثُمَّ سَقَطَ (٢) .
وَهُنَاكَ اتِّجَاهٌ آخَرُ ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، هُوَ أَنَّ الإِْبْرَاءَ - فِي غَيْرِ مُقَابَلَتِهِ لِلطَّلاَقِ - تَمْلِيكٌ مِنَ الْمُبْرِئِ، إِسْقَاطٌ عَنِ الْمُبْرَأِ؛ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ تَمْلِيكًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ، وَهُوَ إِنَّمَا يَكُونُ مَالًا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ، فَإِنَّ أَحْكَامَ الْمَالِيَّةِ إِنَّمَا تَظْهَرُ فِي حَقِّهِ، بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ عِلْمِ الأَْوَّل دُونَ الثَّانِي (٣) .
_________
(١) تبويب الأشباه والنظائر لابن نجيم ٣٨٤، وشرح الروض ٣ / ٤١ و٢ / ٢٣٨، والقليوبي ٢ / ٣٢٦ - ٣٢٧، والأشباه والنظائر للسيوطي ١٨٩ ط عيسى الحلبي، والدسوقي ٣ / ٣١٠، ٩٤، والفروع لابن مفلح ٤ / ١٩٣
(٢) الفروع لابن مفلح ٤ / ١٩٤
(٣) شرح الروض ٢ / ٢٣٩ وحواشي الرملي عليه.