الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إباحة - تقسيمات الإباحة - تقسيمها باعتبار الكلية والجزئية
وَقَوْلِهِ: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ (١)
فَإِنَّ هَذَا النَّصَّ يَدُل عَلَى أَنَّ كُل مَا خَلَقَهُ اللَّهُ يَكُونُ مُبَاحًا إِلاَّ مَا وَرَدَ دَلِيلٌ يُثْبِتُ لَهُ حُكْمًا آخَرَ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ. (٢)
وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرُ الإِْبَاحَةِ إِذْنَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى مَا سَبَقَ. (ف ٩) . (٣)
ب - تَقْسِيمُهَا بِاعْتِبَارِ الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ:
٢٣ - تَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:
١ - إِبَاحَةٌ لِلْجُزْءِ مَعَ طَلَبِ الْكُل عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ، كَالأَْكْل مَثَلًا، فَيُبَاحُ أَكْل نَوْعٍ وَتَرْكُ آخَرَ مِمَّا أَذِنَ بِهِ الشَّرْعُ، وَلَكِنَّ الاِمْتِنَاعَ عَنِ الأَْكْل جُمْلَةً حَرَامٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْهَلاَكِ.
٢ - إِبَاحَةٌ لِلْجُزْءِ مَعَ طَلَبِ الْكُل عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ، كَالتَّمَتُّعِ بِمَا فَوْقَ الْحَاجَةِ مِنْ طَيِّبَاتِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ، فَذَلِكَ مُبَاحٌ يَجُوزُ تَرْكُهُ فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ، وَلَكِنَّ هَذَا التَّمَتُّعَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْكُل، عَلَى مَعْنَى أَنَّ تَرْكَهُ جُمْلَةً يُخَالِفُ مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ مِنَ التَّحَدُّثِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَالتَّوْسِعَةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ (٤) وَكَمَا قَال عُمَرُ بْنُ
_________
(١) سورة الجاثية / ١٣
(٢) للغزالي في شفاء الغليل (ص ٦٣٣) والآمدي في الأحكام (١ / ١٧٦ ط دار المعارف) كلام بأن لهذا الخلاف محصلا ويرجع إليه في الملحق الأصولي.
(٣) المستصفى ١ / ٩٩، والمنهاج بشرح الإسنوي ١ / ٥٤، تيسير التحرير ٢ / ٢٢٨
(٤) حديث: " إن الله تعالى يحب. . . " رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمر، وقال الترمذي: حسن (فيض القدير ٢ / ٢٩٣)