الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١ - حرف الألف - إباحة - متعلق الإباحة - المأذون به من الشارع - المطلب الأول ما أذن فيه الشارع على وجه التملك والاستهلاك
التَّمَلُّكِ وَالاِسْتِهْلاَكِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِالْمَال الْمُبَاحِ، وَمَطْلَبٌ لِلْمَأْذُونِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الاِنْتِفَاعِ فَقَطْ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَنَافِعِ الْعَامَّةِ.
الْمَطْلَبُ الأَْوَّل
مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ وَالاِسْتِهْلاَكِ
١٦ - الْمَال الْمُبَاحُ هُوَ كُل مَا خَلَقَهُ اللَّهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ النَّاسُ عَلَى وَجْهٍ مُعْتَادٍ، وَلَيْسَ فِي حِيَازَةِ أَحَدٍ، مَعَ إِمْكَانِ حِيَازَتِهِ، وَلِكُل إِنْسَانٍ حَقُّ تَمَلُّكِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ حَيَوَانًا أَمْ نَبَاتًا أَمْ جَمَادًا. وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ. مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ (١) . وَهَذَا التَّمَلُّكُ لاَ يَسْتَقِرُّ إِلاَّ عِنْدَ الاِسْتِيلاَءِ الْحَقِيقِيِّ، الَّذِي ضَبَطُوهُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُبَاحِ، أَيْ الاِسْتِيلاَءِ الْفِعْلِيِّ، أَوْ كَوْنِهِ فِي مُتَنَاوَل الْيَدِ، وَهُوَ الاِسْتِيلاَءُ بِالْقُوَّةِ. وَقَدْ قَال الْعُلَمَاءُ: إِنَّ هَذَا الاِسْتِيلاَءَ بِإِحْدَى صُورَتَيْهِ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَقَصْدٍ فِي اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِيَّةِ، كَمَا قَالُوا: إِنَّ الاِسْتِيلاَءَ بِوَسَاطَةِ آلَةٍ وَحِرْفَةٍ وَمَهَارَةٍ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَصْدِ لِيَكُونَ اسْتِيلاَءً حَقِيقِيًّا، وَإِلاَّ كَانَ اسْتِيلاَءً حُكْمِيًّا. جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ فِيمَنْ عَلَّقَ كُوزَهُ، أَوْ وَضَعَهُ فِي سَطْحِهِ، فَأَمْطَرَ السَّحَابُ وَامْتَلأَ الْكُوزُ مِنْ الْمَطَرِ،
_________
(١) حديث: " من سبق. . . " رواه أبو داود في الخراج، والضياء المقدسي، عن أم جندب، وإسناده جيد كما قال الحافظ ابن حجر، وسبقه إلى ذلك ابن الأثير وغيره. (فيض القدير ٦ / ١٤٨ ط الأولى، المكتبة التجارية) وقال المنذري: غريب، وقال البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد حديثا غير هذا. (عون المعبود ٣ / ١٤٢ ط دار الكتاب العربي)