- - تحقيق: عبدالحكيم الأنيس تأليف العلامة: مرعي بن يوسف الكريمي
- المكتب الإسلامي لإحياء التراث
- 1425هـ
- 128 صفحة
- الطبعة الأولى
- 21279
- 4676
- 4059
الكلمات البينات في قوله تعالي: “وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات”
هي رسالة ألفها العلامة واسع الاطلاع، كثير التصنيف والتأليف إمام الحنابلة وقاضيهم في أرض بيت المقدس الشريف – ثم القاهرة، العلامة الشيخ زين الدين مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي، وقد ألف هذه الرسالة التفسيرية منذ أكثر من أربعة قرون من الزمان، وإن كان العلماء لايزالون يتناولونها بالبحث والدراسة وينهلون من لطائف التفسير ودقائق اللغة والبيان بهذه الرسالة، وتعد هذه الرسالة واحدة من أكثر من ستين رسالة ألفها العلامة الشيخ زين الدين مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي، تتناول كل رسالة من هذه الرسائل آية واحدة من آي القرآن بالشرح والتوضيح وبيان ما فيها من إعجاز مُتحدى به نظمًا وبيانًا وترتيبًا، وقد خصّ المؤلف – رحمه الله – هذه الآيات بالشرح والبيان لما تحتويه من لطائف تفسيرية جمّة وإعجاز بياني عجز البشر أن يأتوا بمثله، ومن الأمثلة على هذه الرسائل التي خصّها المؤلف بإفراد الرسائل العلمية لها (إتحاف ذوي الألباب في قوله تعالى – يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ورسالة (إحكام الأساس في قوله تعالى – إن أول بيت وضع للناس) ورسالة ( أزهار الفلاة في آية قصر الصلاة)، والرسالة التي بين أيدينا وهي رسالة (الكلمات البينات في قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
حيث أسهب المؤلف – رحمه الله – في شرح هذه الآية وبيان ما بها من جميل بشرى المؤمن من ربه، وقد عَرَف “البشارة” على أنها: الخبر المفاجئ الذي تتشوف النفس إليه فيؤثر فيها سرورًا وفرحًا أو حزنًا وألمًا فتغير من بشرة الوجه ويبدو عليها، إلا أنه يغلب استعمالها في الخير وندر استعمالها في الأخبار المحزنة، كذلك تجد الله سبحانه وتعالى لا يذكر الإيمان إلا مقرونًا بالعمل الصالح. ويدل هذا كل من تدبر القرآن بقلب سليم أن الإيمان لن يكون في قلبٍ حتى يكون له على الجوارح نور ظاهر وأثر صالح هو تلك الأعمال الصالحة التي أحبها ورضيها الله تعالى لعباده المتقين. ولا يغرنك ما ترى وما تسمع من الأقوال التي أطال القول فيها وأكثر الجدل من لا يفقه الإيمان ولا يعرف حقيقته لأنه لم يذق حلاوته، ولم يستطعم طعمه، حيث لم يقتطف ثماره من جنة القرآن ولم يقتبس نوره من مشكاة السراج المنير محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما أطعم قلبه من مضلات آراء الرجال، فاتبع أهواء التقليد لآبائه وشيوخه الأولين، وظن لفتنته أن ذلك يغنيه عن نور ورحمة وشفاء الكتاب المبين.