- مصطفى باحو
- المكتبة الإسلامية
- 2011
- 400
- 13139
- 4841
- 3465
العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام
من الكتابات الهامة التي تصدت للفكر العلماني في العالم العربي، وفضحت كثير من رموزه من خلال كتاباتهم وأرائهم هو كتاب: “العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام” لفضيلة الشيخ “مصطفى باحو”، والكتاب هو الإصدار الثاني ضمن سلسلة “بحوث في العلمانية” للمؤلف نفسه، وفي المقدمة يجيب المؤلف على تساؤل: هل يمكن للمسلم المحافظة على دينه في ظل العلمانية؟ حيث يقول: إذا كان يمكن للمسيحي المحافظة على دينه في ظل العلمانية؛ لأن المسيحية مجموعة وصايا وآداب تمارس داخل الكنيسة، فإن الإسلام بتشريعاته المتعددة والمتداخلة والشاملة لكافة مناحي الحياة يستحيل تطبيقه في ظل نظام علماني.
فالعلمانية تؤطر المجتمع وتوجهه بطريقة لا تمكن المسلم من ممارسة دينه في جو مطمئن. فلا يستطيع المسلم أكل الحلال وفق مفهوم الشريعة؛ لأن الشريعة كما ترى العلمانية لا دخل لها في التحليل والتحريم، فذبح الحيوان هو طقوس دينية لا تلزم العلمانية، وتحريم الخنزير والميسر والربا فروض دينية لا ترى فيها العلمانية إلا كوابح دينية يجب تجاوزها وإلغاؤها، وبالتالي فلن يجد المسلم أين يضع ماله ولا حلالا يأكله، وتبيح العلمانية للمرأة كشف مفاتنها وعورتها، وتبيح لها ممارسة الفاحشة برغبتها، فيتعرض المسلم للتحريش والإغواء والفتنة.
ولا يسمح في ظل النظام العلماني للمسلم منع ابنته من الاختلاط والتبرج، بل والعري التام، واتخاذ صديق لها تدخله معها منزل والدها المسلم، والويل للأب المسلم المسكين إن اعترض، فقوانين العلمانية صارمة في ردعه وتركه عبرة لأمثاله.
وللابن في ظل العلمانية اتخاذ الخليلات، ومشاهدة أفلام الإباحة في منزل والده، الذي هو ملزم بالنفقة عليه. وليس أمام المسلم إلا طاعة المبادئ العلمانية والانصياع لها. فكيف يقال إن حرية التدين مكفولة في ظل العلمانية؟.
ثم يتناول المؤلف مظاهر محاربة العلمانية للتدين، قائلا: يلجأ العلمانيون إلى تأسيس خطاب خداعي تمويهي مخاتل ومراوغ لموقفه من الدين، فيخفى ذئبيته تحت ستار الحمل الوديع، وقد يتمسح بعضهم بالدين، وربما يعلن أنه مسلم يسره ما يسرنا ويحزنه ما يحزننا، ويتظاهر بالحرص على إبعاد الدين عن مجال السياسة، لكي لا يتلوث -وهو الطاهر النقي- بحممها الملتهبة وتقلباتها المتناقضة، محاولا تجميل صورته وتلميعها، ويناور لعله يرضى قارئه المسلم.
ورغم محاولة بعض العلمانيين إظهار أنفسهم أنهم ليسوا ضد الدين، وأنهم يقفون منه موقفا محايدا، إلا أنه بالتأمل في تصرفاتهم وأطروحاتهم يتبين أنهم يقفون منه موقف المعاند والمحارب له، ولا يعدو الأمر أن يكون مرحلة من مراحل التحذير والمواجهة. بل لا يعدو الأمر أن يكون شراكا خداعيا يتمترس به الخطاب العلماني بقصد التمويه والمخاتلة من باب ذر الرماد في العيون. مؤكدا أن العلمانية ليست فقط ضد الدين، ولكنها أسوأ من ذلك، إنها تسعى إلى أن تحل محله، وتعمل على إقصائه عن واقع الحياة، وتحويله إلى نوع من الفولكلور.
وينقل المؤلف عدد من تصريحات العلمانيين في كتابتهم بعدم تصديقهم للإسلام ونقدهم لها، حيث يقول أحد رموز العلمانية في العالم العربي “سيد القمني”: إن شرط العلمانية هو السماح بالنقد الموضوعي دون حدود ولا سقوف حمراء، لذلك أفهم أن تكون مسلما أو مسيحيا وأن تكون أيضا علمانيا، أي أنك لا تفرض دينك على غيرك، وتقبل نقد دينك لأنه لا دليل على صدقه. إن من يزعم العلمانية وينزعج من نقد دينه هو منافق يرتد عند أول ناصية ويبيعنا جميعا عند أول موقف
المصدر: المكتبة الوقفية