- محمد عبد الله دراز
- دار القلم
- 191
- 19861
- 6442
- 4287
يستعرض الكاتب في هذا الكتاب فكرة الدين “العامة” فيشرح في البحث الأول تعريف الدين وماهيته من وجهة نظر عدة مفكرين مع نقد كل تعريف منها. ويحلل فكرة الدين في نظر المتدين من وجهتيها: الموضوعية والنفسية .
وذهب في البحث الثاني للحديث عن علاقة الدين بأنواع الثقافة والعلوم. فذكر أولاً علاقة الدين بالأخلاق وتناولها من ناحيتين ،الأولى “التجريدية”،وخلص فيها الى أن الدين والأخلاق في أصلهما حقيقتان منفصلتان في النزعة والموضوع ،متلاقيتان في النهاية ،فينظر كل منهما للآخر من وجهة نظر مختلفة من جهة متفقة من جهات أخرى .
والناحية الثانية هي” الواقعية “،والتي لم ير فيها تشابها أو علاقة وثيقة بين كل من الدين والأخلاق لا من حيث المنشأ ولا التكون والتطور في النفوس .
وذكر بعدها علاقة الدين بالفلسفة .ورأى هنا علاقة أوثق بينهما ،فكلاهما يبحثان الغاية نفسها: معرفة أصل الوجود وغايته، ومعرفة السبيل إلى سعادة الإنسان العاجلة أو الآجلة.ولكن بالرغم من أن غاية كل من الدين والفلسفة واحدة الا انهما يختلفان في النتائج
وخلص الى القول بأن الفلسفة ذات غاية “نظرية” ،تعرفنا ماهية الخير والشر ،ولا يعنيها بعدها موقف الانسان منهما .وهي بكل صورها عمل إنساني .
أما الدين فغايته “عملية” يعرفنا الحق ليس فقط للمعرفة وإنما للاتباع والعمل وتكميل النفوس به. وهو صنعة إلهية ومنحة منه إلينا،لتكتمل حياتنا بها
وذكر كيف أن بعض الفلسفات تناقض الدين تماماً (كالفلسفة المادية )
أما العلاقة الثالثة فهي علاقة الدين بسائر العلوم ،وأسهب في الحديث حول هذا الموضوع ،فتحدث عن مراتب العلوم وغاياتها وكيف أنها لا تشترك مع الدين في موضوع او غاية ولكنها لا تعارضه بل تخدمه .وأنه ليس من المعقول أن يكون هناك تعارضاً بينهما وفسر المصادمات بين حملة الأديان وحملة العلوم .
و في البحث الثالث تحدث عن “نزعة التدين ” ومدى أصالتها في الفطرة ،فكان حديثه حول أربع نقاط :
1- مدى أقدمية الديانات في الوجود (وأورد شهادات العلماء حول حقيقة”لم توجد أمة بغير دين”)
2- مصير الديانات أمام تقدم العلوم (فذكر أن التدين نزعته خالدة في النفس البشرية بشهادة كبار العلماء ،وان التحليل العلمي دائما ما ينتهي الى الانتصار لقضية الغيب من حيث الأسباب والغايات وأن نهاية العلم ليست الى اطفاء غريزة التدين بل زيادة اشعالها )
3- منشأ النزعة الدينية في النفس البشرية: فأوضح بأن هذه النزعة هي امتداد لقوى النفس الثلاث : قوة الفكر( في التطلع الى الاسباب والغايات ) . قوة الوجدان (في اشباع العواطف النبيلة ) . وقوة الارادة ( بتكوين البواعث والدوافع القوية ).
4-الوظيفة الاجتماعية للدين فتحدث عن حاجة المجتمعات للدين والأخلاق وان الدين وحده هو ما يضمن تماسك المجتمع وهو أقوى كفالة لاحترام القانون، الوسيلة الأضمن لتحقيق السلام بين الأفراد والدول على حد سواء، وليس بالعلم والثقافة وحدهما يتحقق السلام فالعلم سلاح ذو حدين يستعمل في الشر استعماله للخير ).
وفي المبحث الرابع والأخير والأطول ،تحدث عن نشأة العقيدة الإلهية ودعائمها في العقل والغريزة وعواملها في الوعي والشعور عن طريق ذكر الاسباب التي أدت الى ايقاظها في النفوس .
وعرض لكل مذهب حاول تفسير “علة” منشأ هذه العقيدة وذكر الإشكالات التي أثيرت حول هذه النظريات وقدم نقداً لكل نظرية منها.
فذكر نظريات كل من المذاهب : الطبيعية (ماكس ميلر)، الروحية(قررها تايلور وهربرت سبنسر) ،النفسية (ساباتييه وبرجسون وديكارت)،الأخلاقية (ايمانويل كانت)،الاجتماعية (دوركهايم)،والتعليمية(أيدتها اوروبا وبعض العلماء ) .
و أورد تلخيصاً جامعاً لهذه النظريات محاولاً التوفيق فيما بينها .بعد طرحه الاختلافات فغدا الاختلاف بينها اختلاف “تعاون وتكامل لا اختلاف تعاند وتناقض” على حد قوله.
وتم إضافة ملحق صغير (من عشر صفحات)للكتاب يبحث علاقة الإسلام بالأديان السماوية الأخرى وموقفه منها.
احترت في تقييم الكتاب بين الثلاث والأربع نجمات ولكنني استقررت على أربع ،ـلـ:
أهمية مضمون الكتاب
للفائدة التي خرجت بها منه
للجهد المبذول لإخراجه
وأخيراً لنزعة الكاتب الإسلامية، التي طغت على فصول وصفحات الكتاب(والتي أعجبتني) ،بذكره لآيات قرأنية وأحاديث شريفة
تخدم الغاية التي ينقاشها والتي -بالرغم من وجودها- استطاع أن يكون حيادياً وموضوعياً في طرحه لأفكاره