- لجنة الدعوة الإلكترونية
- لجنة الدعوة الإلكترونية
- 2016
- 20
- 9956
- 3603
- 2215
التعايش بين المسلمين وغيرهم في ضوء الكتاب والسنة
لقد نزلت رسالة الإسلام الخاتمة إلى أهل الأرض في زمن لم يعرف العدل ولا الإحسان ولا ما يعرف الآن بمفاهيم الحرية والتعددية أو التعايش السلمي. فلقد غلب على أهل هذا الزمان طابع التشدد والتعصب والاضطهاد، فلم يسمح في الأرض الواحدة إلا بالدين الواحد بل والمذهب الواحد، ولم يكن البلد الواحد ليتسع لأكثر من معتقد واحد حتى وإن كان باطلا. ولم تعرف حقوق في هذا العصر للأقليات حتى تكون لهم حرية ممارسة شعائر دينهم، بل كان عليهم التكيف مع صنوف العنت والبغي والاضطهاد.
وعلى الرغم من ذلك كله، بنيت علاقة المسلمين بغيرهم على قيم العدل والإحسان بالرغم من عدم إقرار العالم لهذه القيم إلا بعد قرون طويلة. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (النحل 90:16)
ويقول تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (النساء 58:4)
ولقد ورد الأمر من الله تعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالعدل بين جميع الناس وحتى وإن كانوا غير مسلمين. ففي سياق الأمر بالحوار بين النبي وأهل الكتاب أي أصحاب الكتب السماوية السابقة لاسيما اليهود والنصارى، يوصي الله عز وجل النبي بالعدل بينهم، حيث يقول الله تعالى:
… وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (الشورى 15:42)
ولقد ورد الأمر إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالعدل والإقساط عند الحكم بين غير المسلمين، حيث يقول الله تعالى:
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (المائدة 42:5)
وكما ورد الأمر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالعدل مع غير المسلمين، ورد الأمر كذلك لعموم المسلمين بالعدل مع غيرهم على الرغم من الكراهية التي قد تكون بينهم، ويبين القرآن الكريم أن العدل مع غير المسلمين أقرب إلى تقوى الله عز وجل. يقول الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (المائدة 8:5)
ولا يقتصر الأمر إلى المسلمين على العدل والقسط مع غير المسلمين وإنما يتعدى ذلك إلى البر والإحسان كما أسلفنا، حيث يقول الله تعالى:
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الممتحنة 60 :7-9)
ولا فرق فيما أسلفنا من لزوم العدل والقسط والبر والإحسان بين غير المسلمين المقيمين بين المسلمين في العالم الإسلامي وغير المسلمين خارج العالم الإسلامي.