- فهمي هويدي
- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-الكويت
- 1981
- 213
- 5061
- 2324
- 1516
الإسلام في الصين
رحلة الملف الضائع. مسلمو الصين ليسوا في هذه الدنيا» هذه العبارة كتبها الأمير شكـيـب أرسـلان قـبـل نصف قـرن وهـو يـسـعـى جـاهـدا لـتـقـصـي أحـوال مسلمي الصين والتعريف بهم مع « لوثروب ستودارد» . مؤلف الكتاب الشهير حاضر العالم الإسلامي ولو أن هذه المقولة أطلقت قبل قرن أو اثنين لكانت أيضا معبرة وصادقة ولو استخدمناها هذه الأيام- وربما غدا وبعد غد-لظلت على صدق الإسلام في الصين لـ فهمي هويدي تعبيرها عن تلك الحقيقة المؤلمة.
وإذا صح التعبير فإننا لا نبالغ إذا قلنا إن ثمـة «ملفا» ضائعا من الضمير الإسلامي باسم مسلمي الصين ملف موجود ومفقود لكن مشكلته وعقدته أنه موجود وسط اكثر بلاد العالم عزلة وتفردا بل وسط أضخم وأغرب محيط بشري عرفه التاريخ.
وهو محيط شطآنه بغير نهاية وعمـقـه بـلا قـرار وألغازه وطلاسمه سمة ممتدة منذ الأزل وباقـيـة- ربما-إلى الأبد .
في أرض الأسرار الكامنة عند آخر أطراف المعمورة ضاع ملف مسلمي الصين وطـال به الأمد في التيـه وكـادت مـلايـيـنـهـم تـتـحـول فـي الذاكرة الإسلامية من بشر إلى أشباح ومن حقيقة إلى أسطورة ومن خبر إلى أثر ! . .
حتى بتنـا نـقـرأ عن مسلمي الصين في الكثير من الكتب والأبحاث والمقالات كـلامـا أشـبـه بحكايات الجدات التي سرعان ما ينضب معينها و ينفذ منها الكلام المباح قبل أن تتصايح الديكة و يلوح الصباح! وفي مواجهة قضية هذه ملابساتها فان الخوض فيها يصبح ضربا في المجهول وربما مغامرة لا تعرف-وقد لا تحمد-عواقبها. ليست المشكلة في أن تصل إلى الصين فلم يعد الأمر يحتاج إلى «شجاعة الشجعان» كما كان يردد الجغرافيون العرب القدامى . وليست المشكلة فـي أن تدخل باب الصين الذي تعذر على الكثيرين اجتيازه فوقفوا بما فيهم تجار الحرير قبل ألفي عام عند الحدود يسلمون و يتسلمون . ذلك أنهم لا يمنعون الآن في أن يدخل البعض شريطة أن يظل مفتاح الباب في أيديهم وأن يتحرك الغرباء تحت أعينهم .
المصدر : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (سلسلة عالم المعرفة)