- E-Da`wah Committee (EDC)
- لجنة الدعوة الإلكترونية
- 2016
- 18
- 8136
- 3223
- 2377
بين العلم والدين صدام تاريخي أم فجوة مصطنعة؟ روّج البعض لافتراض اكتسب بطول التداول قوة الحقيقة، مفاده أن الدين مادام ينطلق من غيب غير مشاهد، والعلم مادام لا ينطلق إلا من محسوس، فلا مجال لالتقاء العلم بالدين، وأنه لا علاقة بينهما، وهذا افتراض غير صحيح لأن الدين وسيلتنا لمعرفة الغيب في حدود إدراكنا العقلي، وقدراتنا التصورية، ووفق مفردات يمكن للبشر أن يفهموا دلالتها، ثم أفسح الدين مجال العلم أمام الإنسان بالبحث في الكون بأكثر من مائة وثلاثين أمرا قرآنيا بالنظر والتفكر والتأمل، والتعقل، فعلاقة الإنسان بالكون تقوم على العلم الذي سيحقّق مراد الله في قوله تعالى: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” (فصلت: 53) .
بدأت المادية العلمية منكرة لعالم الغيب مؤمنة بعالم المادة المشاهد فكل ما لا يقع تحت الحس في النظرة العلمية غير موجود، فارتبطت المادية في تلك المرحلة بالمحسوس؛ فطبيعة المادة أول الأمر كانت مادة صلبة محسوسة ملموسة، ثم كشف العلم أن المادة الصلبة في حقيقتها سائلة، وأنها تتبخر إلى ذرات دقيقة كل ذرة هي مجموعة إلكترونات تدور حول نواة من البروتينات، وأن الإلكترونات والبروتونات هي شحنات كهربائية أي طاقة تتحرك في الفضاء المطلق، فانتقلت المادة علميا من كونها حقيقة محدودة إلى كونها حقيقة غير محدودة؛ لأن وحدة بناء الكون عدد غير متناهي من الذرات، والكون لا متناهي في حدوده، فالكَون الّذي نَدرُسُهُ فِي الوَقتِ الحالي خاضِع ضِمنَ عُمر أربعة عشر مليار سَنَة ضَوئِيّة.
وبعد رحلة علمية طويلة من جمع الشواهد وطرح النظريات واستخراج القوانين، انهارت نظرية الحقائق الثابتة بنظرية “أينشتين” التي قامت فكرتها على خطأ الاعتقاد بأن المعرفة الموضوعية عملية تراكم مستمرة للحقائق؛ ليفتح بذلك الباب على مصراعيه لتطوير رحلة الشك وصولا لاستحالة المعرفة الموضوعية النهائية؛ وتحولت كل الحقائق حول الكون من مطلقة ثابتة إلى نسبية متغيرة، فالحقيقة تتخذ ألف شكل لأعيننا إذا كان لنا ألف موقع مختلف من تلك الحقيقة كل يرى الصورة من زاويته، وتطورت النظرة العلمية من يقينية النتائج العلمية إلى احتماليتها.