- فيصل الزامل
- 15
- 5234
- 2453
- 1762
أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق رجل نحيل الجسم حتى ان ازاره يكاد ينحل عن وسط بدنه لولا أنه يكرر تثبيته، و من رقة طبعه أنه كان يقرأ القرآن بصوت حزين في سكة تقع في الممر المحاذي لبيته و كانت مساكن مكة متقاربة البنيان ما يجعل الصوت يتردد في الليل الهادئ بين الجدران، فكان صوته يدخل الى قلوب السامعين وهو يقرأ كلام الخالق الجليل :-
( وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ، تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَافِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّار) كان في صوته نبرة زهد بالدنيا و كأنه يقرأ من قبر كلاما نزل للتو من السماء و لا تزال رطوبة السحاب عالقة فيه بعد،
كلام زاده صوت ذلك القاريء الحزين نداوة برنين يتجاوب مع المعاني الجديدة على الأسماع، معاني لامست شغاف قلوب أهل مكة من رجال و فتيان ازدحمت بهم السكك عند دار ابي بكر، فلما انتشر خبر تلك التجمعات أرسلت قريشا الى محمد صلى الله عليه و سلم تقول له :- ( يا محمد، مر صاحبك فليصلى في داره، فقد أفسد علينا غلماننا )… يقصدون عبيدهم الذين هفت نفوسهم الى نداء الحرية الذي دخل بهدوء الى قلوبهم و أخبرهم بأنهم بشر لهم كيان و حقوق يجب ان تحترم،و لذا كان هو اول من يشتري الرقيق و يعتقهم، و اولهم بلال .