- Mustafa Sabaayi
- 4
- 3288
- 982
- 1009
المواطنة (مسلم .. وأحب فرنسا)
في الماضي كان من أبرز ركائز المواطنة الانتماء العرقي؛ ففي الجزيرة العربية -على سبيل المثال- كانت الحدود الجغرافية للصقاع والبقاع من الأراضي تتحدد بتبعية المراعي أو المدن والهجر للقبائل، ومنها تكتسب تلك الأراضي أسماءها، فيقال: بلاد طيئ وأراضي بكر وتميم، وهكذا.. الحال كذلك في أوروبا فليست هنغاريا إلا الموطن الذي استقرت فيه قبائل الهنغار بعد نزوحها من وسط آسيا، وكذلك قبائل البلغار التي اكتسبت دولة بلغاريا منها اسمها، ومثل ذلك حال قبائل الجرمان في ألمانيا.
ويبلغ التشابه بين الأمم في هذا الأمر حدا تجد معه ضريبة المرور في أراضي كل قبيلة متماثلة؛ ففي بادية الشام يدفع المسافرون في أثناء مرورهم بأرض الحويطات -على سبيل المثال- فتخفرهم تلك القبيلة في أثناء عبورهم، ومثل ذلك كان يحدث في أثناء عبور السفن نهر الراين في ألمانيا لكل نبيل من النبلاء الذين وضعوا القلاع على ضفاف النهر لجباية ضريبة المرور هذه، ومن يعترض عليها تطبق في حقه العقوبة. شيء من ذلك حدث في السواحل البحرية التي تمر ببلاد معينة، والتي تحولت فيما بعد إلى القرصنة، ولا حاجة للإسهاب في ذكر الأمثلة.
هذا عن الماضي، وأما في القرن العشرين فقد شهد الانتماء العرقي الذي ترتكز عليه المواطنة تشويهاً كبيراً اتجه نحو تسخير الأمم الأقل اقتداراً لصالح الأكثر قوة، فشهد هذا القرن حربين كونيتين كان المحرك فيهما الرغبة المحمومة في إعلاء شأن النداء العرقي في منظومة المواطنة، وكاد الحال أن يصل بالبشرية إلى فحص الدماء لكل طالب استخراج وثيقة المواطنة للتأكد من نوعية مزيجها بين الأعراق، ونقاوتها من الدماء الأدنى مرتبة!