- لجنة الدعوة الإلكترونية
- 2015
- 28
- 15727
- 4961
- 3631
إذا كان العالم بمؤسساته الحديثة – كالأمم المتحدة –قد انتبه مؤخرا لأهمية الماء ، وعين يوما دوليا للاحتفال بالمياه (22 من مارس)؛ فإن الإسلام قد سبق الجميع في هذا الأمر؛ من خلال إيلائه الماء عناية كبيرة باعتباره عنصرا مهما من عناصر الطبيعة؛ حيث تقوم عليه الحية؛ فالإسلام هو الدين الخاتم الذي جاء لإسعاد الإنسان في دنياه وأخراه، إذا اتبع أوامره وانتهى عن نواهيه؛ فالإسلام عقيدة وشريعة، كما هو نظام رباني متكامل يشمل كل مناحي الحياة؛ فلم يترك شيئا فيه خير للبشر إلا وأمرهم به، ولم يترك شيئا فيه شر لهم إلا ونهاهم عنه.
ومن مظاهر شمولية الإسلام للحياة كلها اهتمامه بالبيئة وعناصرها وكيفية إحداث توازن بين هذه العناصر اهتماما كبيرا، دون أن يطغى عنصر على آخر؛ ويمكن عرض بعض مظاهر الهدي الإسلامي في التعامل مع الماء باعتباره عنصرا بيئيا هاما فيما يلي:
أولا- التذكير بأهمية الماء للحياة:
حرص الإسلام -في عشرات الآيات التي ورد فيها لفظ الماء- على إبراز أهيمته في الحياة؛ حتى يحرص الناس عليه حفظا لحياتهم ومعاشهم وابتغاء رضوان ربهم.
فقد أبرز القرآن أن الماء يستمد أهميته من أنه أصل الحياة على هذه الأرض، فقد أخبر تعالى عن ذلك في قوله تعالى: ﴿أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنبياء: 30)، وقال عز من قائل: {وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ مَا يَشَاءُ} (النور: 45). وقال عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} (الفرقان: 54}.
ومن مظاهر إبراز أهمية الماء في القرآن الكريم –أيضا- قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} (المؤمنون: 18)؛ فالشيء المنزل بـ”قدر” هو الشيء العزيز الغالي الذي يجب الحفاظ عليه، خاصة مع التهديد الإلهي الذي يُستشف من قوله تعالى (وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)؛ فإن لم تحافظوا على هذه النعمة فإننا قادرون على سلبها منكم. ثم في الآية التالية يشير سبحانه إلى النعم الحاصلة من هذا الماء –كما هو الحال مع كثير من الآيات التي تحدثت عن نزول الماء- فيقول تعالى: {فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (المؤمنون: 19).
ويأتي هذا التهديد واضحا في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ} (الواقعة: 68-70).